تعديل

الخميس، 27 فبراير 2014

الثورات وتفكيك الحركة النسوية التغريبية

الثورات وتفكيك الحركة النسوية التغريبية 
30/3/1432 هـ

                                                                      

بسم الله الرحمن الرحيم

ثورة في تونس، وأخرى في مصر، وبعدها في ليبيا، وبوادر في بلدان عربية أخرى، وإصلاحات عربية تتوافق ورغبات الشعوب وطموحاتها.
ثورات متلاحقة قلبت موازين القوى في المنطقة العربية وداخل الدولة الواحدة، ثورات خلفت تداعيات أنهت مراحل من العز والسلطان لتحلق في الأفق بوادر فجر جديد تتشكل لبناته الآن فإن شكل بخير وفق مراد الشارع سبحانه وتعالى طابت الخطى، وإن سار على درب الهوى فقدنا بوصلة الخير وسقطنا في بئر الظلمات ومآلاته، نسأل الله الخير والسلامة.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن في ظل تهاوي رموز الأنظمة البائدة في بحر النسيان هو تداعيات الثورات على الحركة النسوية العربية التغريبية؟.

وقبل أن أخوض في الإجابة على هذا السؤال فإنني أقر حقيقة ملموسة وهي أنني أرى بحكم تخصصي أنه في ظل ثورات الشعوب العربية فإن الحركة النسوية العربية التغريبية الانحلالية في معظم مطالبها وتطبيقاتها في طريقها الآن إلى التفكيك، وزوالها هو مسألة وقت ليس أكثر. وتفصيل ذلك سيتضح من خلال السطور القادمة.

ففي مارس من كل عام كان رموز الحركة النسوية التغريبية يحلقون إلى نيويورك للمشاركة في المؤتمر السنوي المتعلق بمراقبة تطبيقات مقررات مؤتمر بكين الانحلالية في دولهم الإسلامية، ليقدم الرموز التقارير إلى الممول الغربي وبها ما أنجزوه من مجهودات لتغريب المرأة المسلمة وفق مقررات مؤتمر بكين، وباقي تعليمات الأمم المتحدة الليبرالية.

لكن الله سبحانه وتعالى يشاء أن يكون مارس هذا العام مختلفاً اختلافاً جذرياً، فلا مؤتمرات ولا دولارات ولا سياسات ولا تشريعات ولا ندوات ولا تقارير ظل ولا ضوء، وكل مرتزق من مرتزقة الحركة النسوية يحاول الآن أن يتوارى عن الأبصار حتى لا يفضح أمره طمعاً بأن ينعم بما ارتزقه من دولارات ملوثة على مدار سنوات. اختفت "السيدة الأولى"، ومعها وصيفات الحركة النسوية، وبانت معالم تفكك الحركة النسوية العربية التغريبية، وحتى نحلل الأمر بصورة أعمق سنحاول تناول مؤشرات تفكك الحركة النسوية العربية التغريبية بشئ من التفصيل وذلك بالصورة التالية:

أولاً.... العمود الفولاذي الرئيسي الذي كانت تقوم عليه الحركة النسوية التغريبية العربية وبخاصة المصرية منها هي حرم رئيس الجمهورية أو ما اصطلح عليه استعلاءً " السيدة الأولى"، ولم يقف الأمر عند حدود خلع الرئيس بزوجته فالدنيا بأسرها تتحدث الآن عن تجاوزات مالية بحق "السيدة الأولى" في الدول العربية التي قامت بها الثورات، حيث تبرعات ومنح غربية كانت تأتي لصالح تنفيذ التعليمات الغربية المتعلقة بتغريب المجتمعات الإسلامية وبخاصة المرأة المسلمة، فكانت التعليمات تنفذ بسلطة "السيدة الأولى" الفوقية، وفي أحيان كثيرة بموارد الدولة الرسمية؛ والفضيحة تمثلت في دخول التبرعات والمنح الغربية إلى الحسابات الخاصة "للسيدة الأولى" حسبما كشفت عن ذلك التحقيقات القضائية وتصدرت المانشيتات الرئيسية في الصحف المصرية والتونسية الرسمية.
وحتى نتخيل حجم تأثير سقوط "السيدة الأولى" سواء في مصر أو تونس أو ليبيا على الحركة النسوية العربية التغريبية لابد أن نسترجع إلى الأذهان حجم الدور الكبير الذي كانت تلعبه "السيدة الأولى" في تغريب المنظومة المجتمعية بالأمر الفوقي المباشر، وكان الجميع حينها يتألم من تأثير تلك الأوامر على مسار ونسيج المجتمع ومن ثم هوية المرأة المسلمة. وعلينا أن نقيس في ضوء ذلك حسابات الحركة النسوية بعد غياب تلك السلطة الفوقية بهذه الطريقة الكارثية.
فالحركة النسوية العربية التغريبية لن تحظى بعد الآن بتلك الحصانة الرئاسية المخلوعة، وأحسب أن الشعوب صارت من الفطنة والجرأة بحيث لا تنطلي عليه مثل تلك السلطات النسوية الفوقية بعد الآن.

ثانياً.... 
الحركة النسوية العربية كانت تحاول تكريس نفوذها في بنيان الدولة من خلال محاولات التغلغل والسيطرة على مواطن صنع السياسات والقرارات في العديد من المناصب داخل المؤسسات والوزارات الرسمية، وقد أطلقنا على هذه الإستراتجية في كتاب سابق عن الحركة النسوية منذ سبعة أعوام اصطلاح " الإحلال النسوي"، فكنا نرى تمكين النساء وبخاصة من أهل الثقة لدى السيدة الأولى وعصبتها في مناصب إستراتيجية بالنسبة للحركة النسوية وبخاصة في الإعلام، التعليم، التشريعات، السياسات التخطيطية، وتحديد النسل.
فوجدنا تشريعات تم تمرير صياغتها جبراً وتنفيذ مضامينها قسراً من قبل أهل الولاء، وفي ضوئها سجن شرفاء لمجرد أنهم زوجوا بناتهم تحت سن 18 عام، ومن كانت تزني والعياذ بالله تحت هذا السن، كانت الوزيرة المعينة من قبل النظام تدافع عن زنى الفتاة وحملها السفاح وتوفر لها ولمثيلاتها الرعاية والحنان، أي فساد هذا الذي يعسر الحلال، ويزين الحرام والفسق والفجور، كل هذا ذهب بلا رجعة بإذن الله، فالمجتمعات التي انتفضت فاض بها الكيل من كل أشكال الفساد ومنه هذا الانحلال المستهدف لعفة المرأة وطهارتها، وصيانة عرضها.
ولأن من أهم تداعيات الثورة هو الضغط من أجل محاولة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلن يكون هناك مكان لنسوة لا كفاءة لهن ولا هدف إلا تدمير المرأة العربية، ولو كانت هناك امرأة مناسبة لمكان مناسب فلن تعمل إلا وفق المنظومة المجتمعية الجديدة التي يريد فيها المجتمع استنشاق هواء طاهر.
وعليه فإن الحركة النسوية خسرت من خلال الثورة مواقع سلطات لن يسمح المجتمع الشريف له أن تتبوأها بعد الآن، ومن ثم فقد انخلعت الحركة النسوية من المطبخ السلطوي، وصار بينها وبينه بعد المشرقين، وهذا عمود فولاذي آخر صنعته الحركة النسوية ومن ورائها الغرب في عقود طويلة وهدمته الثورة في ساعات قليلة، فهل يعقل بنيان بدون عمود رئيسي؟.

ثالثاً... 
بسقوط الأنظمة البائدة فقدت الحركة النسوية سيطرتها على البرلمان، فكما كان البرلمان تحت سيطرة مؤسسة الرئاسة يمرر القوانين والاتفاقيات الدولية بهوى السلطان، كان ذلك ينسحب على كافة القوانين والاتفاقيات الدولية التي تريد الحركة النسوية أن يبصم عليها نواب البرلمان حتى تأخذ صفة الشرعية الشعبية، لكن الآن هناك نضج سياسي داخل المجتمعات العربية المحررة، وقد انتهى عصر برلمان "البصمة" برلمان "موافقون"، وأية تشريعات أو اتفاقيات دولية جديدة، أو حتى إعادة النظر في التشريعات والاتفاقيات القديمة المتعلقة بالمرأة ستحظى بمناقشات جادة وفق مبدأ المصلحة والمفسدة، وعليه فلن نرى بعد الآن تلك التشريعات والاتفاقيات النسوية التي تصطدم وثقافة المجتمعات العربية، وتتحدى قيمه وأخلاقه. وفي ذلك تفكيك لأحد أهم أعمدة الحركة النسوية العربية التغريبية.

رابعاً..... 
وقود الحركة النسوية التغريبية في العالم العربي كان التمويل الغربي، فبه كانت نشيطات الحركة النسوية التغريبية يعملن بدأب من أجل التطبيق الحرفي لمقررات مؤتمرات المرأة التغريبية والانحلالية والمجتمع الآن صار أكثر جرأة على مواجهة الفاسد، ومن يريد تغريب المجتمع وسلخه من قيمه وأخلاقه نذير دولارات معدودة، وأحسب أن من ارتزق في عهد الأنظمة الفاسدة من التمويل الغربي، سيحاول أن يطهر نفسه الآن، في ظل موجة التطهير السائدة، فهو يعلم أنه إذا اكتشف المجتمع ارتزاقه من مؤسسات التمويل الغربية نظير القيام بأنشطة تغريبية فقد احترق اجتماعياً، وملحوظ الآن أن من يحرق يتوارى تماماً عن الأنظار، وبالتالي فإن وقود الحركة النسوية وهو المال الغربي لن يكون له المفعول السحري الذي كان في عهد الأنظمة البائدة وفي ذلك مزيد من الخلخلة والتفكك في منظومة الحركة النسوية العربية التغريبية.

خامساً....
 فلننظر أخيراً إلى بضاعة الحركة النسوية العربية التغريبية، سنجدها بضاعة راكدة فاسدة هوائية، تخالف في جلها التعاليم الدينية وتصطدم بثقافة المجتمعات العربية، وحاملي تلك البضاعة يعلمون أنه لولا أعمدة السلطان ومواطن النفوذ ووقود المال لن تتحرك تلك البضاعة الفاسدة قيد أنملة وسيلفظها المجتمع، وبالتالي فأصحاب تلك البضاعة يعلمون أنهم بعد الثورات قد عادوا ببضاعتهم الكاسدة الفاسدة إلى المربع الأول الذي كانت تقف فيه أمثال "نوال السعداوي" بأفكارها الشاذة وموقف المجتمع المصري منها في أعقاب حرب أكتوبر المجيدة، فهي بضاعة مرفوضة من المجتمعات العربية التي تحفظ بدينها وشريعتها وقيمها وأخلاقها عرض المرأة العربية وحيائها.
وبرفض المجتمع للبضاعة النسوية الفاسدة، وإقباله على البضاعة الطاهرة التي تنظم مسار المرأة المسلمة وفق مراد الشارع الكريم تكون الحركة النسوية العربية التغريبية قد تفككت تماماً وفي طريقها إلى الزوال كما زالت الشيوعية من قبل وصارت ذكرى في الأذهان.

وتأتي تلك الثورات لتقذف إلى الهاوية مفسدين ومفسدات لعبوا بقضية المرأة المسلمة فسعوا إلى تغريبها، ووأد حيائها، وسن القوانين التي تعارض الشريعة الإسلامية بكل وضوح وفي ضوء كل ذلك ارتزقوا وأكلوا وأثروا من كافة الموائد الغربية الاستخباراتية منها والانحلالية. 

المرأة المَنَاحة المُصْطَنَعة ..

المرأة المَنَاحة المُصْطَنَعة ..

                                                                             

بسم الله الرحمن الرحيم

تضاف (قضية المرأة) في هذا العصر إلى المَناحات المُصْطَنَعة الموجودة في هذا العالم بجدارة، لأنها أصبحت قضية التباكي والعويل المصطنع المبالغ فيه في هذه المرحلة، مأساةٌ لا كالمآسي، وقضيَّة لا كالقضايا، وكارثة لا كالكوارث، فهي قضية مصنوعة بإتقان، أُشعلت فيها نار المبالغة والتهويل منذ أنْ طَرحَها أعداء الإنسانيَّة القائمة على التكامل والتوازن المنسجم مع الفطرة التي فطر الناس عليها، طرحوها ليصادموا فطرة الناس السليمة، وليتخذوا منها جسراً إلى تمزيق شمل المجتمعات البشرية المتماسكة، وتفريق الأسر المتلاحمة، وتحويل الحياة العائلية إلى حياة تصادم وتناطح، وإقامة دَعَاوى لا تخبو بين الرجل والمرأة، حتى أصبحا في حالة صراع دائم، يخوضان معركةً لا يربح فيها إلا الشيطان الرجيم وأتباعه من شياطين الإنس والجن، نعوذ بالله من شرورهم أجمعين. 
هنالك أكذوبة كبرى يتباكى من أجلها اليهود ليلَ نهار ويجعلونها مقياساً لمن يوالونه أو يحاربونه من البشر، ألا وهي أكذوبة المحرقة التي لا تَخْفَى عليكم، أصبحتْ رمزاً للعداوة في العالم مع أنها كما يؤكد المحققون أكذوبة مفتعلة، وحتى لو أنها حصلت فقد أصبحت شماعةً تُعَلَّق عليها مآسي اليهود التي يتفنَّون في صنعها، أو تضخيمها وتهويلها، وهنا أكذوبة كبرى قامت عليها المعركة المشتعلة بين ركني بناء الحياة البشرية الثابت (الرجل والمرأة)، وهي معركة تُدار بعناية فائقة، من قبل أُناس يعرفون كيف يتحالفون مع الشَّيطان، لمواجهة ما أمر به الرَّحمن، ويعرفون كيف يتلاعبون بعواطف النساء تحت شعار (حرية المرأة)، فيحملْن راية المواجهة للفطرة، والأسرة، والحياء، وهنَّ واهمات أنَّ ما يفعلنه هو الصواب. 
المرأة في ظلِّ قُوَّاد معركة (المَناحة النسائية) سجينة، مضطهدة لأنها زوجة وأمّ، ولأنَّ عملها في المنزل، ولأن الرجل قوَّام عليها وفق ما شرع الله، ولأنها تحمل وتلد وترضع، إنها كائن بشري مسحوق مظلوم كما يزعمون، ولهذا خططوا لها ساحة فسيحة تركض فيها رَكْضَ المُنْبَتِّ الذي لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى، ووضعوا لها شعارات (المطالب المفتوحة) التي لا تقف عند حَدٍّ أبداً، وهي مطالب أصبحت الآن معلنةً من قِبَل طائفة من النساء في عالمنا الإسلامي - مع الأسف - ترى فيها تلك المرأة (المبرمجة) أنَّها كالرجل تماماً، وأنَّ عملها في المنزل (بَطالة) ورعايتها لأسرتها عملٌ شاقٌّ في سجن مؤبَّد، أمَّا حشمتها وحياؤها والتزامُها بأوامر شرع ربها فهي قيود ظالمة غاشمة لا بد لها من كسرها وتحطيمها لتكون رجُلاً كالرجل، وما هي بكائنة رَجُلاً أبداً لو كانت تفقه. 
مزَّقوا ومزَّقن المجتمع إلى (ذكورية ظالمة) و(أنوثيَّة) مظلومة، وأعطوا الضحيَّة المزعومة سلاح التحرُّر والخروج على القيم لتحارب به الرجل، ويا لها من حرب غاشمة يخسر فيها المجتمع كلُّه خسارةً فادحة. 
إنَّها مَناحةٌ مصطنعة تقوم بها جهات سياسية واجتماعية مشبوهة في هذا العالم العجيب، والمؤسف أن تنخدع امرأة مسلمة واعية رشيدة تقرأ كتاب ربها وتسمع آياته ليل نهار بهذه الأكذوبة الكبيرة، التي فطن إليها عقلاء الغرب رجالاً ونساءً منذ عقود، وأنشأوا جمعيات تسعى إلى تبصير المرأة والرجل والمجتمع الغربي بخطورة هذه (المَناحة) على استقرار المجتمعات البشرية، وهم يخوضون معارك من أجل إعادة التوازن إلى مجتمعاتهم، وإخماد نيران معركة ينهزم فيها الجميع. 
هنالك مطالب حقيقية واضحة لإنصاف المرأة في المجتمعات الإسلامية التي سيطرت عليها بعض العادات والتقاليد المخالفة لشرع الله، وأصبح فيها كثير من الرجال يتسلطون على النساء تحت مظلَّة القوامة، وهي مطالب مشروعة نؤيدها، وندعو إلى الاستجابة لها تحقيقاً لما شرع الله سبحانه وتعالى من الإنصاف والعدل. 
هذا شيء, وما نراه من (مَنَاحة) على وضع المرأة تتجاوز بقضيتها الحدَّ المعقول شيءٌ آخر. 
إنَّه نداء صادق إلى المرأة المسلمة الواعية أنْ تقف طَوْدَاً شامخاً في وجه (المَناحة المصطنعة) حتى لا تحترق ويحترق المجتمع المسلم بنارها اللاهبة. 

الرجعيون والاختلاط

الرجعيون والاختلاط
                                                                


هاهي موجة الاختلاط التي هي صورة من صور التغريب تأتينا ولكن بعد ماذا؟!
بعد أن انكشف عوارها، وبان ضررها، وهذه من النعم التي أنعم الله تعالى بها علينا في هذه البلاد أن تأخرت موجة الاختلاط حتى انكشف شرها وضررها للبعيد الغريب قبل القريب الصديق، وأصبح الذين اخترعوا الاختلاط وقننوه ورعوه ونافحوا عنه ونشروه في الأمم هم أول من يحاربه و يجادل للخلاص منه!! فصدق الله تعالى، وكذب المنافقون [وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ] {المنافقون:1}
إن الاختلاط لو كان فكرة جديدة لانخدع بها كثير منا كما انخدع بها غيرنا من دول العالم شأن كل فكرة جديدة أو مشروع حديث، فكيف وهو فكرة قديمة لها ما يقارب مائة عام؟!
إن الاختلاط المقنن قد جُرب في أكثر دول العالم -إن لم يكن كلها- إلا عندنا باستثناء بعض القطاعات، ومع ذلك لم تكن له تلك المخرجات من التقدم والرقي التي بشّرنا بها دعاته، بل على العكس من ذلك تماماً إذ كانت مخرجاته عقيمة، ونتائجه مريرة، وعواقبه وخيمة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.
إن التخلف كل التخلف، والرجعية التي تبلغ منتهاها أن نأتي إلى فكرة قديمة قد ثبت إفلاسها وضررها، كما ثبت يقيناً عدم صلاحيتها شرعاً وعقلاً وتجربة، ونريد تجريبها،ويصر أقوام منا على تطبيقها وتعميمها، والدفاع عنها!!
ألم يكف هؤلاء تجربة الاختلاط التي امتدت مائة سنة وشملت أغلب دول العالم؟ لماذا هذا الإصرار؟ وما الذي يريدونه حتى يقتنعوا بعدم جدوى فكرة الاختلاط، وأنها شر وضرر ودمار على الفرد والجماعة والدولة والأمة بكل ما تحمله مفردات الشر والضرر والدمار من معنى..
إن كل الشواهد تنطق بإفلاس هذه الفكرة فحسب آخر تقرير لمنظمة العمل الدولية الذي صدر عام 2008م في 300 صفحة فإن معدلات التحرش والابتزاز الجنسي في أماكن العمل المختلط في ارتفاع مستمر؛ حيث أفاد التقرير أن أكثر من 30% من النساء العاملات في النمسا تعرضن لتحرشات جنسية، وفي التشيك 35%، وفي الدنمارك 15%، وفي فرنسا 21%، وفي هولندا 58% وفي أسبانيا 27% ، وفي النرويج 41%، والمفوضية الأوربية للعمل والشؤون الاجتماعية تؤكد أن حجم هذه الظاهرة غير مدرك على نحو فعلي في دول الاتحاد، وأنه خلال العام الماضي تعرض نحو50% من النساء العاملات إلى تحرشات جنسية، وكشف موقع الإذاعة البريطانية بي بي سي على الإنترنت أن 50% من النساء البريطانيات يُعرض عليهن ممارسة الجنس أثناء العمل، كما نشرت الصحف أن 80% من المجندات البريطانيات تعرضن لتحرشات جنسية.
ومع خطورة مشكلة التحرش الجنسي فإن هناك ما هو أشد عندنا؛ إذ إن في ديننا منع الزنا وسد كل طريق يفضي إليه ولو كان برضى الطرفين.
إن جوهر مشكلة الاختلاط ليس التحرش الجنسي فقط، بل العلاقات المحرمة ولو كانت برضى الطرفين، والتي لا يرى فيها الغرب بأساً؛ لأنهم يعدونها من الحرية الشخصية، ذلك أن أمم الغرب لا تزال منحطة عن إدراك الوحي والكتاب المبين، فكم حصل في هذه العلاقات المحرمة التي رضيها الطرفان من خيانات زوجية، وحمل سفاحٍ، وإجهاض، وطلاق، وتفكك أسري، وأولاد لقطاء يحقدون على المجتمع؛ لأنه حرمهم من حنان الأمومة، ورعاية الأبوة.

ومع كل هذا فلازال الرجعيون المتخلفون يصرون على تسويق الاختلاط وفرضه على الناس في الوقت الذي بدأ فيه العالم المتحضر -عندهم- في العدول عنه، والفصل بين الجنسين، فمتى يثوب الرجعيون إلى رشدهم؟ ومتى يتطورون؟!
[فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {القصص:50}.

الثورات وتفكيك الحركة النسوية التغريبية

الثورات وتفكيك الحركة النسوية التغريبية 
30/3/1432 هـ

                                                                        


بسم الله الرحمن الرحيم

ثورة في تونس، وأخرى في مصر، وبعدها في ليبيا، وبوادر في بلدان عربية أخرى، وإصلاحات عربية تتوافق ورغبات الشعوب وطموحاتها.
ثورات متلاحقة قلبت موازين القوى في المنطقة العربية وداخل الدولة الواحدة، ثورات خلفت تداعيات أنهت مراحل من العز والسلطان لتحلق في الأفق بوادر فجر جديد تتشكل لبناته الآن فإن شكل بخير وفق مراد الشارع سبحانه وتعالى طابت الخطى، وإن سار على درب الهوى فقدنا بوصلة الخير وسقطنا في بئر الظلمات ومآلاته، نسأل الله الخير والسلامة.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن في ظل تهاوي رموز الأنظمة البائدة في بحر النسيان هو تداعيات الثورات على الحركة النسوية العربية التغريبية؟.

وقبل أن أخوض في الإجابة على هذا السؤال فإنني أقر حقيقة ملموسة وهي أنني أرى بحكم تخصصي أنه في ظل ثورات الشعوب العربية فإن الحركة النسوية العربية التغريبية الانحلالية في معظم مطالبها وتطبيقاتها في طريقها الآن إلى التفكيك، وزوالها هو مسألة وقت ليس أكثر. وتفصيل ذلك سيتضح من خلال السطور القادمة.

ففي مارس من كل عام كان رموز الحركة النسوية التغريبية يحلقون إلى نيويورك للمشاركة في المؤتمر السنوي المتعلق بمراقبة تطبيقات مقررات مؤتمر بكين الانحلالية في دولهم الإسلامية، ليقدم الرموز التقارير إلى الممول الغربي وبها ما أنجزوه من مجهودات لتغريب المرأة المسلمة وفق مقررات مؤتمر بكين، وباقي تعليمات الأمم المتحدة الليبرالية.

لكن الله سبحانه وتعالى يشاء أن يكون مارس هذا العام مختلفاً اختلافاً جذرياً، فلا مؤتمرات ولا دولارات ولا سياسات ولا تشريعات ولا ندوات ولا تقارير ظل ولا ضوء، وكل مرتزق من مرتزقة الحركة النسوية يحاول الآن أن يتوارى عن الأبصار حتى لا يفضح أمره طمعاً بأن ينعم بما ارتزقه من دولارات ملوثة على مدار سنوات. اختفت "السيدة الأولى"، ومعها وصيفات الحركة النسوية، وبانت معالم تفكك الحركة النسوية العربية التغريبية، وحتى نحلل الأمر بصورة أعمق سنحاول تناول مؤشرات تفكك الحركة النسوية العربية التغريبية بشئ من التفصيل وذلك بالصورة التالية:

أولاً.... العمود الفولاذي الرئيسي الذي كانت تقوم عليه الحركة النسوية التغريبية العربية وبخاصة المصرية منها هي حرم رئيس الجمهورية أو ما اصطلح عليه استعلاءً " السيدة الأولى"، ولم يقف الأمر عند حدود خلع الرئيس بزوجته فالدنيا بأسرها تتحدث الآن عن تجاوزات مالية بحق "السيدة الأولى" في الدول العربية التي قامت بها الثورات، حيث تبرعات ومنح غربية كانت تأتي لصالح تنفيذ التعليمات الغربية المتعلقة بتغريب المجتمعات الإسلامية وبخاصة المرأة المسلمة، فكانت التعليمات تنفذ بسلطة "السيدة الأولى" الفوقية، وفي أحيان كثيرة بموارد الدولة الرسمية؛ والفضيحة تمثلت في دخول التبرعات والمنح الغربية إلى الحسابات الخاصة "للسيدة الأولى" حسبما كشفت عن ذلك التحقيقات القضائية وتصدرت المانشيتات الرئيسية في الصحف المصرية والتونسية الرسمية.
وحتى نتخيل حجم تأثير سقوط "السيدة الأولى" سواء في مصر أو تونس أو ليبيا على الحركة النسوية العربية التغريبية لابد أن نسترجع إلى الأذهان حجم الدور الكبير الذي كانت تلعبه "السيدة الأولى" في تغريب المنظومة المجتمعية بالأمر الفوقي المباشر، وكان الجميع حينها يتألم من تأثير تلك الأوامر على مسار ونسيج المجتمع ومن ثم هوية المرأة المسلمة. وعلينا أن نقيس في ضوء ذلك حسابات الحركة النسوية بعد غياب تلك السلطة الفوقية بهذه الطريقة الكارثية.
فالحركة النسوية العربية التغريبية لن تحظى بعد الآن بتلك الحصانة الرئاسية المخلوعة، وأحسب أن الشعوب صارت من الفطنة والجرأة بحيث لا تنطلي عليه مثل تلك السلطات النسوية الفوقية بعد الآن.

ثانياً.... 
الحركة النسوية العربية كانت تحاول تكريس نفوذها في بنيان الدولة من خلال محاولات التغلغل والسيطرة على مواطن صنع السياسات والقرارات في العديد من المناصب داخل المؤسسات والوزارات الرسمية، وقد أطلقنا على هذه الإستراتجية في كتاب سابق عن الحركة النسوية منذ سبعة أعوام اصطلاح " الإحلال النسوي"، فكنا نرى تمكين النساء وبخاصة من أهل الثقة لدى السيدة الأولى وعصبتها في مناصب إستراتيجية بالنسبة للحركة النسوية وبخاصة في الإعلام، التعليم، التشريعات، السياسات التخطيطية، وتحديد النسل.
فوجدنا تشريعات تم تمرير صياغتها جبراً وتنفيذ مضامينها قسراً من قبل أهل الولاء، وفي ضوئها سجن شرفاء لمجرد أنهم زوجوا بناتهم تحت سن 18 عام، ومن كانت تزني والعياذ بالله تحت هذا السن، كانت الوزيرة المعينة من قبل النظام تدافع عن زنى الفتاة وحملها السفاح وتوفر لها ولمثيلاتها الرعاية والحنان، أي فساد هذا الذي يعسر الحلال، ويزين الحرام والفسق والفجور، كل هذا ذهب بلا رجعة بإذن الله، فالمجتمعات التي انتفضت فاض بها الكيل من كل أشكال الفساد ومنه هذا الانحلال المستهدف لعفة المرأة وطهارتها، وصيانة عرضها.
ولأن من أهم تداعيات الثورة هو الضغط من أجل محاولة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلن يكون هناك مكان لنسوة لا كفاءة لهن ولا هدف إلا تدمير المرأة العربية، ولو كانت هناك امرأة مناسبة لمكان مناسب فلن تعمل إلا وفق المنظومة المجتمعية الجديدة التي يريد فيها المجتمع استنشاق هواء طاهر.
وعليه فإن الحركة النسوية خسرت من خلال الثورة مواقع سلطات لن يسمح المجتمع الشريف له أن تتبوأها بعد الآن، ومن ثم فقد انخلعت الحركة النسوية من المطبخ السلطوي، وصار بينها وبينه بعد المشرقين، وهذا عمود فولاذي آخر صنعته الحركة النسوية ومن ورائها الغرب في عقود طويلة وهدمته الثورة في ساعات قليلة، فهل يعقل بنيان بدون عمود رئيسي؟.

ثالثاً... 
بسقوط الأنظمة البائدة فقدت الحركة النسوية سيطرتها على البرلمان، فكما كان البرلمان تحت سيطرة مؤسسة الرئاسة يمرر القوانين والاتفاقيات الدولية بهوى السلطان، كان ذلك ينسحب على كافة القوانين والاتفاقيات الدولية التي تريد الحركة النسوية أن يبصم عليها نواب البرلمان حتى تأخذ صفة الشرعية الشعبية، لكن الآن هناك نضج سياسي داخل المجتمعات العربية المحررة، وقد انتهى عصر برلمان "البصمة" برلمان "موافقون"، وأية تشريعات أو اتفاقيات دولية جديدة، أو حتى إعادة النظر في التشريعات والاتفاقيات القديمة المتعلقة بالمرأة ستحظى بمناقشات جادة وفق مبدأ المصلحة والمفسدة، وعليه فلن نرى بعد الآن تلك التشريعات والاتفاقيات النسوية التي تصطدم وثقافة المجتمعات العربية، وتتحدى قيمه وأخلاقه. وفي ذلك تفكيك لأحد أهم أعمدة الحركة النسوية العربية التغريبية.

رابعاً..... 
وقود الحركة النسوية التغريبية في العالم العربي كان التمويل الغربي، فبه كانت نشيطات الحركة النسوية التغريبية يعملن بدأب من أجل التطبيق الحرفي لمقررات مؤتمرات المرأة التغريبية والانحلالية والمجتمع الآن صار أكثر جرأة على مواجهة الفاسد، ومن يريد تغريب المجتمع وسلخه من قيمه وأخلاقه نذير دولارات معدودة، وأحسب أن من ارتزق في عهد الأنظمة الفاسدة من التمويل الغربي، سيحاول أن يطهر نفسه الآن، في ظل موجة التطهير السائدة، فهو يعلم أنه إذا اكتشف المجتمع ارتزاقه من مؤسسات التمويل الغربية نظير القيام بأنشطة تغريبية فقد احترق اجتماعياً، وملحوظ الآن أن من يحرق يتوارى تماماً عن الأنظار، وبالتالي فإن وقود الحركة النسوية وهو المال الغربي لن يكون له المفعول السحري الذي كان في عهد الأنظمة البائدة وفي ذلك مزيد من الخلخلة والتفكك في منظومة الحركة النسوية العربية التغريبية.

خامساً....
 فلننظر أخيراً إلى بضاعة الحركة النسوية العربية التغريبية، سنجدها بضاعة راكدة فاسدة هوائية، تخالف في جلها التعاليم الدينية وتصطدم بثقافة المجتمعات العربية، وحاملي تلك البضاعة يعلمون أنه لولا أعمدة السلطان ومواطن النفوذ ووقود المال لن تتحرك تلك البضاعة الفاسدة قيد أنملة وسيلفظها المجتمع، وبالتالي فأصحاب تلك البضاعة يعلمون أنهم بعد الثورات قد عادوا ببضاعتهم الكاسدة الفاسدة إلى المربع الأول الذي كانت تقف فيه أمثال "نوال السعداوي" بأفكارها الشاذة وموقف المجتمع المصري منها في أعقاب حرب أكتوبر المجيدة، فهي بضاعة مرفوضة من المجتمعات العربية التي تحفظ بدينها وشريعتها وقيمها وأخلاقها عرض المرأة العربية وحيائها.
وبرفض المجتمع للبضاعة النسوية الفاسدة، وإقباله على البضاعة الطاهرة التي تنظم مسار المرأة المسلمة وفق مراد الشارع الكريم تكون الحركة النسوية العربية التغريبية قد تفككت تماماً وفي طريقها إلى الزوال كما زالت الشيوعية من قبل وصارت ذكرى في الأذهان.

وتأتي تلك الثورات لتقذف إلى الهاوية مفسدين ومفسدات لعبوا بقضية المرأة المسلمة فسعوا إلى تغريبها، ووأد حيائها، وسن القوانين التي تعارض الشريعة الإسلامية بكل وضوح وفي ضوء كل ذلك ارتزقوا وأكلوا وأثروا من كافة الموائد الغربية الاستخباراتية منها والانحلالية. 

الولايات المتحدة ونساء الخليج

الولايات المتحدة ونساء الخليج

                                                           



بسم الله الرحمن الرحيم

لم كل هذا الاهتمام الأمريكي بحقوق المرأة السياسية في منطقة الخليج العربي؟ وهل يعقل أن يكون المدخل الصحيح للإصلاح السياسي الديمقراطي البدء بحقوق المرأة قبل حقوق الشعوب ذاتها؟ أليس تناقضا فاضحا الحديث عن حقوق المرأة السياسية في دول لم تحصل الشعوب فيها بعد على حقها في اختيار حكوماتها ولا يوجد فيها حرية حقيقية ولا تعددية ولا أحزاب سياسية؟
ما السر وراء كل هذا الاهتمام الأمريكي بالمرأة في الخليج إلى حد الضغط على حكومات المنطقة لتبدأ الإصلاح السياسي بها وعدم الاكتراث في المقابل بالأساس الأول للنظام الديمقراطي وهو حق الشعوب في اختيار حكوماتها؟!

هذه الأسئلة وجهناها للمستشار السياسي للسفير الأمريكي في زيارته لنا بتاريخ 31/12/2002 مع تأكيدنا له بأننا نرفض مبدأ التدخل في شؤوننا الداخلية وأننا نفضل تحقيق تطلعاتنا بجهدنا الذاتي ولو بعد عشر سنين على أن تتحقق بعد سنة بضغط خارجي فحار جوابا ثم قال:

أرأيتم هذه الطاولة التي بين يدي وهذه الأكواب التي عليها إذا لم استطع قلبها ماذا أفعل؟ ثم قال: بالطبع يمكن إعادة ترتيب الأكواب من جديد إذا لم نتمكن من قلب الطاولة في شكل كامل؟
وحقا لم يقنعنا جواب المستشار لأننا لم نكن نجهل الإجابة عن ذلك السؤال بل ندرك أبعاد وأهداف كل هذا الاهتمام بالمرأة التي هي المدخل الطبيعي للتغيير الثقافي لفتح المنطقة على مصراعيها أمام الثقافة الغربية وقيمها الأخلاقية في مجتمعات محافظة لا تعاني المرأة فيها من مشكلة بقدر معاناة الشعوب نفسها من الاستبداد السياسي ومصادرة حقوقها وحرياتها مع كون حكوماتها حليفة منذ نصف قرن للولايات المتحدة التي اكتشفت فجأة أن الإصلاح السياسي في الخليج يبدأ بالمرأة لا بالشعوب؟

بالطبع لا يمكن تصديق أمريكا بأنه يهمها موضوع الديمقراطية والحريات السياسية في المنطقة إلا إذا صدقنا أنها جاءت بجيوشها وأساطيلها من أجل تحرير الشعب العراقي لا من اجل احتلاله والسيطرة على ثرواته!

لقد اكتشفت أمريكا أن العالم لن يصدق أن الهدف من الحرب على العراق هو إقامة نظام ديمقراطي ومن أجل تداول للسلطة سلمي في الوقت الذي ما تزال حكومات المنطقة الحليفة لها تحكم شعوبها في شكل استبدادي فلا صحافة حرة ولا أحزاب معارضة ولا تعددية سياسية ولا حرية حقيقية بل هي المنطقة الوحيدة في العالم العربي كله التي تحظر قيام الأحزاب السياسية التي لا يتصور قيام تعددية وحرية من دونها؟! لقد أدركت أمريكا انه لا بد من حل هذه الإشكالية في شكل مقبول يثبت للعالم مدى اهتمامها في موضوع الحرية والديمقراطية في الخليج كله وليسفقط في العراق وان الدول الحليفة لها في المنطقة تسير هي أيضا في هذا الطريق في شكل سلمي دون حاجة لخوض حرب معها من اجل تحرير شعوبها منها كما حصل في العراق فتفتق ذهن الساسة في أمريكا عن هذا الحل الذي يرفع عنها الحرج ولا يضر حلفاءها في المنطقة فلتكن البداية بحقوق المرأة التي لا تمثل مشكلة بالنسبة لحكومات المنطقة بل هي محل قبول لديها ما دامت ستؤجل طرح موضوع حقوق الشعوب في منطقة الخليج باختيار حكوماتها عن طريق الانتخاب المباشر وهو ما لا تريده الحكومات ولا تريده أمريكا أيضا!

أليس غريبا إذن أن تشارك دول المنطقة في حرب تحرير العراق من أجل إقامة نظام ديمقراطي هناك يقوم على التعددية والحرية السياسية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان بينما هذه الدول نفسها لم يتحقق لشعوبها شيء من ذلك؟! كيف تشارك هذه الدول التي مازالت تحكم شعوبها وفق مبدأ إقطاعي يقوم على تبعية الشعوب للحكومات لا العكس في حرب من أجل إقامة دولة ديمقراطية حديثة في العراق؟! وهل تحقيق هذا الهدف في العراق الذي يعيش كل التناقضات العرقية والطائفية والسياسية أسهل من تحقيقه في الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة والتي لا تتردد في تنفيذ ما تطلبه أمريكا منها ابتداء من الدخول في عملية السلام مع إسرائيل والعمل من أجل مكافحة الإرهاب بما في ذلك قطع المساعدات للمقاومة الفلسطينية المشروعة وانتهاء بإقرار حقوق المرأة السياسية؟
ما الذي يمنع أمريكا التي خاضت حربا مدمرة في العراق من أجل الديمقراطية أن تطلب من حلفائها في المنطقة احترام حقوق الإنسان والعمل من أجل إقرار مبدأ التعددية السياسية والسماح بإشهار الأحزاب ومشاركة الشعوب في اختيار حكوماتها في شكل مباشر في ظل ملكيات دستورية؟!

قطعا لا يوجد ما يمنع أمريكا من ذلك فشعوب المنطقة لا ترفض مثل هذه الإصلاحات السياسية بل تتوق إليها كما لا تتعارض هذه الإصلاحات مع دين المجتمع وقيمه الحضارية إذ الشورى السياسية وحق الأمة في اختيار السلطة ومشاركتها الرأي ومحاسبتها كل ذلك من مبادئ أصول الحكم في الإسلام وهي مبادئ مشتركة بين الإسلام والديمقراطية فلمَ تغض الإدارة الأمريكية الطرف عنها مع أهميتها وخطورتها والتي هي الأساس لأي عملية إصلاح سياسي واقتصادي وتنموي وتشغلنا بدلا من ذلك بحقوق المرأة السياسية؟

أعلم أنها أسئلة يصعب الإجابة عنها ولن يستطيع الليبراليون الخليجيون الإجابة عنها لأنهم هم أول من رفضوا دعوة الحركة السلفية إلى التعددية السياسية قبل ثلاث سنوات([1]) بدعوى أن الوقت لم يحن بعد فمازالت الشعوب في نظرهم قاصرة لتتمتع بحقوقها السياسية؟! وسيجد سدنة العهد الأمريكي الجديد أن كل ما يبشروننا به من تهيئة المنطقة للعصر الديمقراطي ليس سوى خدعة كبرى وكذبة باردة في ليلة شاتية لأنه كما جاء في الحكمة القديمة إنك لا تجني من الشوك العنب فكل الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية منذ نصف قرن هي أنظمة ديكتاتورية استبدادية عسكرية كانت أو ملكية ولم نجد نظاما واحدا منها نجح في تطوير ممارساته السياسية طوال تلك المدة ولا يهم أمريكا أن تتحول الحكومات الحليفة لها إلى أنظمة ديمقراطية بقدر اهتمامها بان تظل مستعمرات أمريكية بشرط المبادرة إلى إقرار حقوق المرأة السياسية ولا عزاء للشعوب الخليجية؟!

صحيفة الرأي العام 21/5/2003

الخميس، 20 فبراير 2014

الرجعيون والاختلاط

                                                                  

الرجعيون والاختلاط

هاهي موجة الاختلاط التي هي صورة من صور التغريب تأتينا ولكن بعد ماذا؟!
بعد أن انكشف عوارها، وبان ضررها، وهذه من النعم التي أنعم الله تعالى بها علينا في هذه البلاد أن تأخرت موجة الاختلاط حتى انكشف شرها وضررها للبعيد الغريب قبل القريب الصديق، وأصبح الذين اخترعوا الاختلاط وقننوه ورعوه ونافحوا عنه ونشروه في الأمم هم أول من يحاربه و يجادل للخلاص منه!! فصدق الله تعالى، وكذب المنافقون [وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ] {المنافقون:1}
إن الاختلاط لو كان فكرة جديدة لانخدع بها كثير منا كما انخدع بها غيرنا من دول العالم شأن كل فكرة جديدة أو مشروع حديث، فكيف وهو فكرة قديمة لها ما يقارب مائة عام؟!
إن الاختلاط المقنن قد جُرب في أكثر دول العالم -إن لم يكن كلها- إلا عندنا باستثناء بعض القطاعات، ومع ذلك لم تكن له تلك المخرجات من التقدم والرقي التي بشّرنا بها دعاته، بل على العكس من ذلك تماماً إذ كانت مخرجاته عقيمة، ونتائجه مريرة، وعواقبه وخيمة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.
إن التخلف كل التخلف، والرجعية التي تبلغ منتهاها أن نأتي إلى فكرة قديمة قد ثبت إفلاسها وضررها، كما ثبت يقيناً عدم صلاحيتها شرعاً وعقلاً وتجربة، ونريد تجريبها،ويصر أقوام منا على تطبيقها وتعميمها، والدفاع عنها!!
ألم يكف هؤلاء تجربة الاختلاط التي امتدت مائة سنة وشملت أغلب دول العالم؟ لماذا هذا الإصرار؟ وما الذي يريدونه حتى يقتنعوا بعدم جدوى فكرة الاختلاط، وأنها شر وضرر ودمار على الفرد والجماعة والدولة والأمة بكل ما تحمله مفردات الشر والضرر والدمار من معنى..
إن كل الشواهد تنطق بإفلاس هذه الفكرة فحسب آخر تقرير لمنظمة العمل الدولية الذي صدر عام 2008م في 300 صفحة فإن معدلات التحرش والابتزاز الجنسي في أماكن العمل المختلط في ارتفاع مستمر؛ حيث أفاد التقرير أن أكثر من 30% من النساء العاملات في النمسا تعرضن لتحرشات جنسية، وفي التشيك 35%، وفي الدنمارك 15%، وفي فرنسا 21%، وفي هولندا 58% وفي أسبانيا 27% ، وفي النرويج 41%، والمفوضية الأوربية للعمل والشؤون الاجتماعية تؤكد أن حجم هذه الظاهرة غير مدرك على نحو فعلي في دول الاتحاد، وأنه خلال العام الماضي تعرض نحو50% من النساء العاملات إلى تحرشات جنسية، وكشف موقع الإذاعة البريطانية بي بي سي على الإنترنت أن 50% من النساء البريطانيات يُعرض عليهن ممارسة الجنس أثناء العمل، كما نشرت الصحف أن 80% من المجندات البريطانيات تعرضن لتحرشات جنسية.
ومع خطورة مشكلة التحرش الجنسي فإن هناك ما هو أشد عندنا؛ إذ إن في ديننا منع الزنا وسد كل طريق يفضي إليه ولو كان برضى الطرفين.
إن جوهر مشكلة الاختلاط ليس التحرش الجنسي فقط، بل العلاقات المحرمة ولو كانت برضى الطرفين، والتي لا يرى فيها الغرب بأساً؛ لأنهم يعدونها من الحرية الشخصية، ذلك أن أمم الغرب لا تزال منحطة عن إدراك الوحي والكتاب المبين، فكم حصل في هذه العلاقات المحرمة التي رضيها الطرفان من خيانات زوجية، وحمل سفاحٍ، وإجهاض، وطلاق، وتفكك أسري، وأولاد لقطاء يحقدون على المجتمع؛ لأنه حرمهم من حنان الأمومة، ورعاية الأبوة.

ومع كل هذا فلازال الرجعيون المتخلفون يصرون على تسويق الاختلاط وفرضه على الناس في الوقت الذي بدأ فيه العالم المتحضر -عندهم- في العدول عنه، والفصل بين الجنسين، فمتى يثوب الرجعيون إلى رشدهم؟ ومتى يتطورون؟!
[فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {القصص:50}.

الأحد، 2 فبراير 2014

أختي الحبيبة




السلام عليكم و رحمة الله

أختي الحبيبة ,, 

هل تأملتِ معي في قول الله تعالى ,,, 

(( فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء )) 

هذه المرأة أتت موسى عليه السلام مع عدم علمها بشخصه ومن يكون موسى عليه السلام .. 

ولكن أتت له فقط تُبلغه بدعوة أبيها لِيجزيه أجر ما سقى لهما .. 

ومع ذلك !! هل أتته تتغنج وتتبختر , هل أتته بعباءةٍ مخصرةٍ وهي في كامل زينتها , هل أتته متعطرا ..

كلا والله ....... إنها أتته تمشي على استحياء .. 

هل تعلمي ماذا تعني كلمة استحياء وماذا يعني حياء ؟ 

إن مما أصبح البعض لا يدركه أن الحياء شعبة من شعب الإيمان , وانه لا يأتي إلا بخير , 

هذا الحياء هو كالتاج المرصع بالجواهر , بل أثمن من ذلك حين ما تتحلى به الفتاة . 

{ لا تقولي أن الزمان غير الزمان . }

# بل أنتِ أدركتِ عهد نبيكِ محمد عليه أفضلُ صلاةٍ وأزكى سلام #


أُخيتي ؛ ؛ تأملي قبل ذلك في الآية الكريمة

((قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ))

لم تزاحما الرعاء في سقيهم لأغنامهم بل انتظرتا حتى يُصدر الرعاء (( أي ينصرفوا عن الماء ))

إذاً .... ألا يكون لنا في هذه الآية الحق ,, وفي هذه المرأة عظة وعبرة ؟؟!!

فهناك فرقٌ كبير بينها وبين بعض فتيات هذا الزمان . 

تتحدث بكل انطلاقة , وعلو صوتها بالضحكات , بل وتمازح من هم أجانب عنها : البائع أو السائق أو شاب لا يحق لها التعرف عليه ومصادقته ..

بل أصبحنا في زمنٍ غريب أن صرنا نرى بعض الفتيات من تتخذ لها صديق !! 

تُحادثه وتشاطره حياتها الخاصة , وتبادله المشاعر الجياشة , وكأن مشاعرها جُعلتْ أُلعوبةً تلعبُ بها ..

وغير ذلك مما صرنا نراه في يومنا هذا من تبرج وسفور وعباءةٍ مخصرةٍ تمشي بها في الطُرقات مع تلك الروائح الفواحة 

وهذه من قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم
"" صنفان من أهل النار لم أرهما رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس .. ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "" 
رواه مسلم 

وقال صلى الله عليه وسلم
"" أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية "" 

بل حتى أتعجب من التي سمحت لنفسها أن تذهب وحدها تتجول في الأسواق والتجمعات دون محرم !! 

ألا تخاف أن تُعرض نفسها للفتنة !! ؟؟ 

وهنا لا ألومها وحدها , بل لوليها النصيب الأكبر في هذا الخطاء

هل تذكرون تلك القصة التي حدثت في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام؟؟

حين أتت له المرأة السوداء تشتكي وتقول يا رسول الله إني اُصرع فا أتكشف 

فقال لها صلى الله عليه وسلم إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة وإن شئتِ دعوت الله لكِ 

قالت يا رسول أصبر و لكن يا رسول الله إني امرأة وإني أتكشف فادعوا الله لي أن لا أتكشف


تصبر حتى تنال الجنة !!!

نعم تصبر ومن منا لا يتمنى الجنة ...

ولكن هل أتنازل عن الحياء والحشمة ؟؟!! 

سبحان الله ....قد لا تؤخذ على تكشفها لعلتها ومرضها ولكن !! الحياء غلب عليها وتخاف التكشف

فماذا عساي أن أقول في من هي ذات جمال وصحة , وتخرج في الأسواق والتجمعات , وتعصي الله بنعمه التي منَّ بها عليها

لماذا لا تُقدر الفتاة أنها جوهرة غالية بل أثمن من الجواهر. 

لماذا لا تصون نفسها وجمالها , حتى تكون لرجل واحد فقط وهو من كتب الله لها بأن يكون زوجها 

لا يتلاعب بعواطفها بل يحفظها ويصونها من عبث العابثين . 

وكم تكون جميلة من تتصف بالحياء حتى من محارمها فكم من فتاة تخجل حتى من والديها.

ولكن !! الفتاة قد لا تستطيع أن تكون جوهرة مصونة دون أن يتوفر لها ....

أم صالحة وأب صالح يوجهان وينصحان و يجعل كل منهما البيت جنة تسير فيه نسمات الحب والاطمئنان

نسمات التوجيه والتربية السليمة التي تغرس في نفسها الاستقامة..

فأهم ما يجب عليهم زرعُها في النفس الخشية من الله لا زرع الخشية منهم 

فمجرد أن يغيب إحداهما فلا شي يردعها سوا استشعارها مراقبة الله عز وجل لها.

وأيضا دور النصح والتوجيه لا يقتصر على البيت بل للمعلمة والداعية نصيب في ذلك

فلا يبخلان بالتوجيه والنصح والمصادقة قبل كل شي


هذا وأسال الرحمن الذي خلق النفس وسواها و ألهمها فجورها وتقواها 

أن يجعل فتيات المسلمين مؤمنات عفيفات تقيات نقيات 
هاديات للحق والصواب يسرن باستقامة في الحياة قبل الممات .